فارس الآمال
ديوان في طريق الفجر > فارس الآمال
أخى أدعوك من خلف اتقادي
وأبحث عن لقائك في رمادي
وينطبق الحريق عليَّ.. قبراً
فيمضغني ويعيا بازدرادي
وأحيا في انتظارك نصف ميتٍ
ورائحةُ الرَّدى مائي وزادي
وأرقب “فارس الآمال” حتى
أخالُ إزايَ حمحمة الجيادِ
وترفعني إليك رؤى ذهولي
فتتكئ النّجومُ على وسادي
وأهوي عنك أصفع وجه حظي
وأعطي كلّ “جنكيزٍ” قيادي
وعاصفة الوعيد تهزّ حولي
يد “الحجاج” أو شدقي “زِيادِ”
* * *
فتخفق منك في جدران كوخي
طيوف كالمصابيح الهوادي
فتشدو كلّ زاويةٍ وركنٍ
ويبدع عازفٌ ويجيد شادي
ويلمع وهم خطوك في الروابي
فترقص كالجميلات الخرِادِ
ويجمع جيرتي فرح التلاقي
ويختلط احتشادٌ باحتشادِ
ويظما الشوق في عيني “سعيدٍ”
فيندى الوعد من شفتي “سُعادِ”
* * *
وتعوي الرّيح تنثر وسْوَساتي
وُرَيقاتٍ تحنُّ إلى المدادِ
وتخنق حلم جيراني وحلمي
وتسلب حيَّنا صمت الحدادِ
ويحترق الطريق إليك شوقاً
فتطفئِه أعاصير العوادي
وتَقْبر فيه قافلةَ الأماني
وتُردي الصَّوتَ في فم كلِّ حادي
* * *
ويسأل هل تعود إلى حمانا؟
فتسعد سمَّرٌ ويضيءُ نادي
مزارعنا إلى لقياك لهفَى
وبيدرنا يتوقُ إلى الحصادِ
أترحل تستنفزُّ الفجر حتى
شققت دجاه – تُبتَ عن المعادِ
أتأبى أن تعود ألا تُلَبِّي
ندائي هل دريت من المنادي؟
سؤال عنك يحفر كلَّ تلٍ
ويسبر عنك أغوار الوهادِ
أفتّش عنك أطياف العشايا
وأهداب النّسيمات الغوادي
وتنأى عن مدى ظني فأمضي
إليك على جناحٍ من سهادِ
وأهمس أين أنت؟ وأيّ تربٍ
نما واخضرَّ من دمكَ الجوادِ
أيسألك النضال دماً شهيداً
فتسقيه وأنت تموت صادي؟
أجب حدّث فلم يخمدك قتلٌ
فأنت الحيُّ والقتلى الأعادي
أحسك في براءة كلّ حيٍّ
صبِىً وأحسُّ نبضك في الجمادِ
وأشتمّ اختلاج صداك حولي
يمنِّيني ويعبق في فؤادي
فأدنو من نجيعك أصطليهِ
وأشعل من تلظّيهِ اعتقادي
* * *
أتسأل كيف جئت إليك إنّي
أفتِّش في دمائك عن بلادي؟
وأنضج من شذاها ذكرياتي
وأقبس من تحدّيها عنادي
أتأبى أن تجيب؟ ومن يحلِّي
بغارِ النَّصرِ هامات الجلادِ؟
وهل ارتدُّ عنكَ بلا رجاءٍ؟
يعاتبني ويُخحلني ارتدادي؟
أتدري أنَّ خلفَ الطين شعباً
من الغربانِ يفخر بالسّوادِ؟
يموت توانياً ويعيش وهماً
بلا سببٍ لا أدنى مرادِ
يسير ولايسير: يُبيدُ عهداً
ويأكل جيقة العهد… المبادِ
يبيع ويشتري بالغبن غبناً
ويجترّ الكساد إلى الكَسادِ
وتهدي خطوه جثثٌ كُسالى
تفيقُ من الرقاد إلى الرقادِ
تعيد تثاؤباً أو تبتَديهِ
كأسمار العجائز في البوادي
* * *
“أعبدَ الله” كم يشقيك أنّا
ضحايا العجز أو صرعى التمادي؟
أينبض في ثَراكَ الشعب يوماً
فتورقُ ربوة ويرفُّ وادي
وتعتنق الأخوّة والتّصافي
ويبتسمُ الوداد إلى الودادِ
رحلت إليك أستجدي جواباً
وأستوحيك ملحمة الجهادِ
ذو القعدة سنة 1381هـ