لا ارتداد
ديوان في طريق الفجر > لا ارتداد
5/1/1383هـ
28/5/1963م
الدرب شياطين فرحى
زمر تهذي مرحى مرحى
وتخوض الدرب فتسلبه
رؤياه أعينه القرحى
وتحوّل هجعة.. تربته
تسهيداً، ولياليه.. الذبحا
والشهب حنين مصلوبٌ
ظمأنٌ يجترع “المِلحا”
فتئن الريح.. تمازحهُ
وتلّون أذناه المزحا
والآفاق الوسنى ورقٌ
محيت، أو أوراق.. تمحى
والحيُّ سكون مصفرٌ
كخطايا تستجدي الصفّحا
وتموت الشكوى في فمهِ
فيكلّفُ رعشتهَ البوَحا
إصغاءٌ لم يسمع شدواً
غنّاه ولم يذكر.. نَبحا
صمتٌ؛ إغفادٌ؛ ثلجيٌ
لم يلمح في الحلم الصبُّحا
* * *
فتثاءب حولَيه جبلٌ
وتنهدّ فاجتر السفّحا
وتلظى دمه فامتدت
كالجذوة قامتهُ السمّحا
وتسّلقت الأطبافُ إلى
عينيهِ تقتبسُ اللّمحا
* * *
فرنا والظلمةُ مشنقةٌ
بجراح الأنجمِ مبتلّة
ودخانٌ عملاقٌ يرخي
فوق التِّيه العاني ظلّه
ويروع الحلمُ فباغتهُ
تيّار الصحّو على غفله
وتلوّى حيناً في دَمِهِ
وهوى أشلاءً منحلّهْ
وتعالتْ أحلامُ الوادي
تومي كعناقيد النّخلَهْ
وأفاقَ ثراه كموعودٍ
بالموتِ: أبلَّ من العِلَّهْ
وتمطّى يَبْدأ ميلاداً
خصباً نيْسانيَّ الحُلَّهْ
واهتزَّ كأسخى مزرعةٍ
حبلى تتمخّض بالغَلَّهْ
وافترَّ وباحت شفتاهُ
للبيدر بشرى مخضلَّهْ
ومنىً كتبسمِ زنبقةٍ
فتَحت شفتيها للنَحلهْ
وأعاد الجوّ حكايتهُ
كحديث الطّفل إلى الطفلَّهْ
وكغنج الوعد على ثغرٍ
خمريٍ يستهوي القُبْلَهْ
وأسال الجوُّ مباهجهُ
كالشلاَّلات المنهلَّهْ
وغلا في الثلَّج دمٌ حيٌّ
فأحال برودتَهُ شُعْلَهْ
* * *
وامتدَّ عموداً جمريّاً
واحمرَّ بعيْنَيْهِ الأرقُ
ماذا؟ من أذكى الرمل هنا؟
فهفا يخضر وينطلق
وتَنادى التربُ فمقبرةٌ
تدوي ورمادٌ يحترقُ
وهنا احتشد العدم الغافي
كالصيفِ يفوح ويأتلقُ
يلد الميعادُ بجبهَتهِ
تأريخاً يبدعه العرقُ
ويوشّحه أفقٌ صحوٌ
بالدفءِ، ويحضنه أُفقُ
وتوالى موكبه الشّادي
فتغنَّت وازدهت الطرقُ
وتعنقدت الشُّهب السَّكرى
بيديْهِ واخضرّ الشَّفقُ
يمضي يجتّر مواسمهُ
ويزغرد حوليَهِ العبقُ
ويجنِّح فجراً مِعطاءً
ينصبُّ وفجراً… ينبثقُ
فتغيم هنالك أسئلةٌ
“تلغو” هل يرتدُّ الغسَقُ؟
وتهزُّ بقيّةَ أشباحٍ
تطفو فيرسِّبُها الغَرَقُ
وتُزَوِّرُ بوحاً مسلولاً
بسعال الدّعوى يختنقُ
فتضجُ الرّبوات الجذلى
لم يخفق في الموتى الرَّمقُ