لص تحت الأمطار
ديوان السفر إلى أيام الخضر > لص تحت الأمطار
الليلُ خريفيٌ أرعنْ
يهمي.. يدوي.. يرمي.. يطعنْ
يستّلُ حراباً ملهيةً
يستلقي كالجبل المثخنْ
يأتي ويعود كالطاحون
أحجاراً وزجاجاً يطحنْ
يدعو كالأدغال الغضبى
يسترخي يفغرُ كالمدفنْ
يعري.. يتزيّا.. يتبدّى
أشكالاً.. يبسمُ.. يتغصِّنْ
في كل جدار يتلوى
وبكلّ ممرٍّ.. يتأسنْ
وبلا أسماء يتسمّى
وبلا ألوانٍ.. يتلّونْ
ويشمّ بأذنيه، يرنو
قلقاً كرقيبٍ يتكهّنْ
من أين أمرُّ؟ هنا وكرٌ
ملعونٌ.. رادتهُ ألعنْ
وخصوصياتٌ.. واقفةٌ
تهذي كالمذياع الألكنْ
وتقِلّ براميلاً تسطو
تحت الأضواء ولا تُسجنْ
أخشاباً جدّ مبروزةٌ
بأسامي ناس تتزينْ
* * *
وهنا شبّاكٌ يلحظُني
شبحٌ في وجهي يتمعنْ
شيءٌ.. يهتزُّ كعوسجةٍ
وعلى قدميهْ.. يتوثّنْ
بابٌ يستجلي.. زاويةٌ
تصغي.. منعطفٌ كالمكمنْ
قنديلٌ يسهو كالغافي
ويعي كغبي يتفطّنْ
كبرئٍ عاصٍ يتلقّى
إعداماً عن حكمٍ معلنْ
* * *
ما هذا؟ جمعٌ مصطخبٌ
يعوي أو يشدو.. يتفنّنْ
حفُرٌ ترتجُّ روادفُها
حُزمٌ من قشٍّ تتلحّنْ
طربٌ في ذا القصر العالي
أو عرسٌ في هذا المسكنْ
* * *
ولماذا أحسدُ مَن يبدو
فرحاً من عيشتَه ممتَنْ؟
لا.. لستُ لئيماً يؤسفُني
أن يهَنا غيري في مأمَنْ
لكنَّ مسرّات الهاني
توحي للعاني أن يحزَنْ
* * *
حسناً، كفَّ المطرُ الهامي
وبدأتُ كدربي أتعفّنْ
وأخذتُ كأمسيتي أهمي
أترمّدُ.. أدمَى.. أتعجّنْ
* * *
أيَسارا يا (صنعا) أمضى
أم أنتهجُ الدربَ الأيمنْ؟
هل هذا الأحسنُ أم هذا؟
يبدو لا شيءَ هنا أحسنْ
فلتُقدمْ يا “فرحانُ” بلا
خوفٍ.. ما جدوى أن تأمَنْ
أقدمتُ.. أظنُّ بلا ظنّ
وبدون يقين أتيقّنْ
ومضيتُ مضيتُ.. وصلتُ إلى
حيٍّ.. كدخيلٍ يتيمّنْ
فهنا إقطاعيٌّ دسمٌ
وهنا إقطاعيٌ أسمَنْ
هذا ما أعتى حارسَهْ
بل هذا حارسُهُ أخشَنْ
والدارُ الشامخةُ الأخرى
تبدو أغنى.. لكنْ أحصَنْ
* * *
وهناك عجوزٌ وارثةٌ
تُعطي.. لو عندي ما أَرهنْ
هل أغشى منزلَها؟.. أغشى
فلعلَّ فوائدَهْ أضمنْ
لا، لا… فيه جبنُ امرأةٍ
وأنا لو أخنقُها أجبنْ
البنكُ حراستهُ أقوى
ويُقال ودائعهُ أثمنْ
لو كان الأمرُ حراسَته
لحَسبتُ صعوبتهُ أمكنْ
البنكُ مغالقهُ أخرى
تحتاجُ لصوصاً من “لندن”
كلّ الأموالِ مسلّحةٌ
بفنون الإرهاب المتقَنْ
* * *
فلأرجعْ، حسناً… لا أدري
أرجوعي.. أم تيهيْ أغبَنْ؟
سهيلُ غدٌ.. وله طرُقٌ
أنقى.. ومتاعُبهُ أهونْ
وبدأتُ أُحسُّ بزوغَ فتىً
غيري؛ من مِزَقي يتكوَّنْ
سبتمبر 3791م