الفاتح الأعزل
ديوان لعيني أم بلقيس > الفاتح الأعزل
ساهٍ… في مقعده المهمل
كسؤالٍ ينسى أن يسأل
كحريق يبحث عن نار
فيه عن وقدته يذهل
كجنين في نهدي أم
لهفى تتمنى أن تحبل
* * *
يطفو ويقر كعصفور
تواق في قفص مقفل
يستقي كالحلم الظامي
ويحدق كالطيف الأحول
فيشم خطى الفجر الآتي
في منتصف الليل الأليل
ويصوغ الصمت ضحى غزلاً
وأصيلاً وردياً أكحل
ويضيع جمالاً مبذولاً
في الكشف عن العدم الأجمل
يشدو للزاوية الكسلى
ويصيخ إلى الركن الأكسل
ويفتش عن فمه الثاني
ويحن إلى فمه الأول
* * *
والأربعة الجدران إلى
عينيه تصغي… تتأمل
ترنو كفتاة تستجدي
غزلاً… وإذا ابتسمت تخجل
* * *
يغلي ويمور كما يعدو
في كف العاصفة المشعل
مرمي كالقبر المنسي
وإلى كل الدنيا يرحل
يغزو الأقمار ولا يعيى
ويخوض البحر ولا يبتل
* * *
في كل رواية فنان
من قصته الفصل الأطول
في كل تثني أغنية
أنثى لهواه تتجمل
في كل كتاب عن بطل
أخبار عنه لم تنقل
* * *
حياً في التاريخ الفاني
في الكثبان العطشى يخضل
يقتاد الخيل (كعنترة)
يجتر الزق مع (الاخطل)
ويناضل (قيصر) في (روما)
(كسبرتاكوس) ولا يفشل
يطوي (الإسكندر) في يده
ويجول على كتفي (أخيل)
ويرد اليوم إلى الماضي
ويعيد الماضي مستقبل
ويلم الأزمنة الشتى
لحظات تعرف ما تجهل
تتشهى “تنوي” تتحدى
تستأني “تعدو” تتخيل
فيعفر (ابرهة).. يذكي
عيني (سنا) بدم المحتل
يهمي فوق (الجولان) لظى
يرمي (بالشمر) عن المنهل
يمحو (سايجون) بإصبعه
ويمزق (خيبر) بالمنجل
يلقي عن صهوته (كسرى)
ويقاتل في (حيفا) أعزل
يدميه القصف ولا يدمي
يرديه القتل ولا يقتل
يهفو من حلق الموت إلى
أعتاب الميلاد الأحفل
* * *
يجتث الكون ليبدأه
أسخى ويشكله أفضل
ويصوغ العالم ثانية
أو يأمره أن يتحول
* * *
مرمي يرحل من بعدٍ
كالهول إلى البعد الأهول
في كل متاهٍ يستهدي
في كل حريقٍ يتغسل
يغزو المجهول بلا وعيٍ
ويعي لا يدري ما يفعل
فيعود يشكل ما ألغى
أو يمضي يمحو ما شكل
ديسمبر 1972م