قراء النجوم
ديوان رواغ المصابيح > قراء النجوم
ما الذي أخبرواوماذا أضافوا؟
بشّروا تارةً، وحيناً أخافوا
سمعوا ضجّةً، وشاموا حشوداً
ما دروا أهْوَ مأتمٌ أم زِفافُ؟
أنصتوا والقلوب تعزف خفقاً
حدَّقوا والعيون فيها انخطافُ
أوغلوا في النجوم حدساً ولمساً
هالهم عاصفٌ وراع انجرافُ
خلف هذا السنا رُبىً مِن صفيحٍ
خلف ذاك الضباب أيدٍ لطافُ
شاق ما لا يرون لَمْحَ رؤاهم
واعتراهم مما يرون ارتجافُ
* * *
زعموا (الدلو) صار بئراً وقالوا:
مسبح (الحوت) غاص فيه الجفافُ
لاحظوا (الزهُرة) التي ألمستهم
وجْنتيها لها نِيوبٌ رهافُ
وإلى(العقرب) استدلُّوا بأفعى
ذات ريشٍ لها عليها التفافُ
* * *
هل رأوا أرؤس الظروف اللواتي
فوقنا أينعَت وحان القطافُ؟
أين منهى العشر العجاف؟ قريبٌ
إنما قد يليه خمسٌ عجافُ
قيل فيهن يحتسي كلُّ نهرٍ
ركبتَيِه وتقشعرُّ الضِّفافُ
* * *
ثم تأتي تسعٌ سمانٌ ولكن
بين (سعدين) حولهن اختلافُ
هل (لعنسٍ) بين (السَّماكين) نونٌ؟
مثلما يكسر المُضافَ المُضافُ
هل ستُمُسي المسدسات، غصوناً
ويٌغنيّ للغارف الإغترافُ؟
* * *
ما الذي أخبروا عن (الثور)؟ قالوا
حاذَروهُ، وحول قرنيه طافوا
وعن (الجدي) صار تيساً عجوزاً
عافهم مذ رأوه شيخاً وعافوا
هل تجلَّوا (بنات نعشٍ) كعاباً؟
أخبروا عندهن يحلو العفافُ
* * *
وأضافوا رأوا (عطاردَ) سِفراً
بات يتلو ما في حشاهُ الغلافُ
كان يقتادهم من السين راءٌ
ويليه حاءٌ نأى عنه قافُ
* * *
إتّئد يا سُرى، هنا شبه ومضٍ
وانتبه يا دجى، هناك هتافُ
هل تَدانَى (المرّيخ) منّا قليلاً؟
هل حدا (المشتري) إلينا انعطافُ؟
* * *
“أيها المُنكح الثريّا سُهيلاً:
أي نجم له بأخرى انشغافُ؟
تلك كانت، والعشق كان لديها
مثلما كان للرماح الثِّقافُ
* * *
يا صحابي: نجوم هذي العشايا
ناكساتٌ كما تدبُّ الخرافُ
غائماتٌ وماعلى الأفق غيمٌ
كاسفاتٌ وما اعتراها انكسافُ
* * *
يا تُرى أيها مسيخات أرضٍ
ذاك (قيسٌ) ذا (عامرٌ) ذا (مَناف)
قيل كانوا إن حاربوا أي باغٍ
لا يُصافي حيّاً، رأوا أن يُصافُوا
ويقال انتموا إلى الشعب صبحاً
ومساءً عن منهج الشعب حافُوا
ويقولون: بعضهم شبه بعضٍ
مثلما يُشبه الزُّعافَ الزُّعافُ
وهل المَسخ؛ كن فكان؟ تأدَّب
إنما أمره – كما قيل كافُ
* * *
هل أسَى ذي النجوم أعقاب إثمٍ؟
ينمحي بالعقوبة الإقترابُ
خالَها (الشنفرَى) كؤوسَ سُلافٍ
يوم كانت تموج فيها السُّلافُ
مِن شعاف الجبال كان يراها
يوم كانت لكل رعنٍ شعافُ
* * *
المدارات أخطأت أم أخلَّت
نهجها؟ أم أدارها الإعتسافُ؟
أم رُقيُّ الثرى إليها تفاعَى
فرقى في عروقها الإنتزافُ
* * *
شاهدوا الأنجم الوضيئات بادت
وخلا للمقنّعات المطافُ
:فوقنا دونها من الشك سقفٌ
وعليها من الشظايا لحافُ
مَن بِنا أقلق المجرَّات بحثاً؟
هدّنا – يا مَقاذفُ – الإنقذافُ
أكَّدوا ما رأوا، كهذي الليالي
منذ شبُّوا حتى على “القرن” نافوا
* * *
كيف تَفنى أقوى السواري، وتلهو
في مداراتها نجومٌ ضعافُ؟
ما لها في كتابنا اسمٌ وبُرجٌ
لا ولا بينها هناك إئتلافُ
* * *
ألأِهلِ السما – وهم مِن ضياءٍ
كبني الأرض جَيئةٌ وانصرافُ؟
فأجابوا: قلنا ل(كيوان) هذا
فلوى نصفَ حاجبَيه انحرافُ
وانزوى بين ظهره وحشاهُ
مثلما يوهن القصيدَ الزُّحافُ
وسألنا (السُّهَى) فردَّ عطاساً
ورمى أنفه إلينا الرُّعافُ
* * *
مثلنا تمرض النجوم؟ أجابوا:
قيل أدنى ما تشتكي الإِنخسافُ
ولها كالورى هوىً وقلوبٌ
فلماذا لا ترتجي وتخافُ؟
هل لها مثلُنا بطونٌ وأيدٍ
ولأشياخها ذقونٌ كثافُ؟
ربما عندها بطونٌ خوافٍ
وأكفُّ مخبآتٌ نظافُ
نحن قُرّاء قلبها، ما عنانا
وصف أشكالها ولا الإتِّصافُ
* * *
هل أرتكم حَظَّ (الجراف) و(مورٍ)؟
أين (مُورٌ) قالت وأين (الجرافُ)
علَّ هذين بعض مرآة أمّي
أسِمانٌ رُباهما أم نحافُ؟
ما عرفتم عنها، فهلاّ اعترفتم؟
ليس يمحو القصور مِنّا اعترافُ
أهي تدري ما سوف يأتي؟ لديكم
عينُ حدسٍ وفي سناها اكتشافُ
* * *
كي تروا ما يلي، تباروا إليهِ
فهو أبطا، والتائقون خفافُ
ما لكم والنجوم، للأرض فيكم
أعينٌ للشموس فيها اصطيافُ
عام 1989م