قراءة.. في كف النهر الزمني
ديوان ترجمة رملية لأعراس الغبار > قراءة.. في كف النهر الزمني
هل هذا الجاري مفهوم؟
يبدو مجهولاً، معلوم
صنعائياً من “روما”
أمريكياً من “مخزوم”..
عيناه في إبطيه
وله أنفٌ كالقدوم
قدماه حرف جر
فمه كالفعل المجزوم
* * *
أدهى من رأس الأفعى
أنمى من شجر الزقوم
أجلى من سقف المقهى
أخفى من أوهام البوم
وأنا، ما بين الخافي
والبادي فيه، مقسوم
* * *
يستخفي حيناً، يبدو
حيناً، شيطاناً مرسوم
آناً عينياً، آناً
شكلاً غيبياً مزعوم
يرنو كثقوب المبغى
يومي كالطيف المجذوم
يصبو كالشيخ الفاني
يبكي كالطفل المفطوم
هل ذا الجاري يجري
أو أن المجرى مركوم؟
يمتد هنا مسئوماً
وهناك يعيد المسئوم
ينحل شكولاً شتى
يبدو منثوراً منظوم..
فعلاً لا أفعال له
حالاً مجروراً مضموم..
عنقاً مقطوعاً، رأساً
برقابٍ أخرى مدعوم
إطلاقاً، لا صوت له
موتاً ذا صوتٍ مبغوم
يبدو ملهى في “دلهي”
قصفاً ودماً، في “السلوم”
مذياعاً في (هولندا)
كعطاس المبغى المزكوم..
في “واشنطن” اسطولاً
ينوي إبرام المبروم..
أيشن هجوماً؟ ومتى
أجلاه الشرق المهجوم؟
يحتل المحتل به
يقتاد زمام المزموم
ألهذا الجاري صفةٌ
أله تاريخٌ موسوم؟
يمسي كبشاً في “صيدا”
يغدو ثوراً، في “الخرطوم”
سوقاً حراً في “نجدٍ”
“ضباً هزروفاً” مخطوم
ريماً وجرياً “كلباً”
كندياً يدعى “برهوم”..
فرواً رومياً يكسو
بيضات الخدر المعصوم
“جملاً” لا يرعى “شيحاً”
لا عهد له “بالقيصوم”
لا يدري شيئآً إلا
خلع السروال المنهوم
* * *
يدعى شيخاً في “طنطا”
إفيونياً في “الفيوم”
“حافرم” من ذا؟ سموه
فراماً صار المفروم
في “ديفد” أمسى كنباً
في “سينا” نصراً مهزوم
* * *
هذا الجاري يجري من
قدميه حتى البلعوم
حيناً لا إيقاع له
حيناً ذا نبضٍ منغوم
حيناً وجهاً مشتوماً
حيناً أزرى من مشتوم
يبدي تسجيم الفوضى
ويغطي القبح المسجوم
ويخاف ذباب المقهى
ويغذي فيه الجرثوم
* * *
أتلو كفيه فصلاً
من سفر الآتي المحتوم
يرتد جداراً، يلوي
زنديه جسراً ملغوم
يضحي في “ميدي” نفطاً
يمسي تبغاً في “الأهنوم”
تكساً في “صنعا” رقماً
بالحبر الثلجي مرقوم
يعدو هراً حجرياً
يستلقي فاراً مرجوم
ويلوح “بسوساً” أخرى ألظلم
لديها المظلوم
يغدو صلحاً أخوياً
لبقاً في حسم المحسوم
* * *
يعلو كالبحر الطاغي
يقعي كا “الكوز” المثلوم
أملى بكنوز الدنيا
أعرى من كوخ المحروم
* * *
ماذا أحكي؟ عن ماذا؟
زمني كالكهف المردوم
مفصوم عن شطيه
وأنا عن نبعي مفصوم
هل يأتي زمنٌ يمحو
من لغتي: (كان المرحوم)؟..
* * *
أأثير هموماً كبرى؟
من ذا بالكبرى مهموم؟
السوق الهم الأطغى
لا ملتزماً، لا ملزوم
* * *
: إني مهضومٌ: وأنا
من ذا للوطن المهضوم؟
المعروقي الأيدي
أحد عن حس مغموم؟
هل تستدعي تصديقاً
يا هذا الصدق المذموم؟
* * *
ماذا أحكي؟ هل أشجي
هذا الإسمنت المتخوم؟
أروي للشؤم الآتي
تأريخ الماضي المشؤوم
* * *
أهذي وحروفي تهوي
حولي كالطير المسموم
حتى ظلي متهمٌ..
وقميصي مثلي موهوم
* * *
من أين أنادي؟ حلقي
بالشمع القاني مختوم
وعلى صدري برميلٌ
بنجيع بلادي موشوم
ولماذا لا تبقي لي
هذياني، إني محموم
قل ما تهوى، لكن قل
بفم ليس له حلقوم
* * *
هذا المذياع الأمي
أقوى من صوتي المكلوم
هل هذا الإسمنت فمي
وعلى أنفاسي قيوم؟
ألهذا الجاري نسبٌ؟
أم هذا ظرف مقحوم؟
* * *
ويحي، من ذا ينسيني
أني كبلادي معدوم؟
وبأني مبيوعٌ من
بياعٍ مثلي مقصوم
وبأني محكومٌ في
كفي مأمورٍ محكوم
وبأني بيدي غيري
من لحمي ودمي مطعوم
يا من أجلى “إبرهةً”..
أضحى عربياً “يكسوم”
* * *
أدري أني محتل
وأرى فوقي خيل الروم
أدري، لكن ما الجدوى
من علمي، إني موصوم؟
هل يبنيني إدراكي
أني من أصلي مهدوم؟
هل يشفي من أزماتي
ترديدي: أني مأزوم؟
ماذا تحكي، لا تغضب
لم أكشف أمراً مكتوم
عملي! أعطي للمرئي
سمةً، لغة للمشموم
أتلو كفاً مائياً..
وفماً كالصخر المخروم
حيناً استقري عقماً
حيناً تأكيداً مسقوم
فأحس جذوراً خلفي
وأشم أمامي برعوم
* * *
هل تستجلي ما يخفى
عنا، يا أكال الثوم؟
عفواً: إني عفريتٌ
عرافٌ، واسمي “يحموم”
أستنبي ما لا ينبي
وأعي ما تحت الحيزوم
* * *
هل تحت الإسمنت دمٌ
يغلي، وطفورٌ مكظوم؟
ما لا يجري مفهومٌ..
الجاري غير المفهوم
* * *