المقابلة الصحفية مع صحيفة (الثقافية)
عبدالله البردوني > المقابلة الصحفية مع صحيفة (الثقافية)
نشرت في العدد السابع الصادر بتاريخ 2 سبتمبر 1999م
أجرى الحوار: محيي الدين علي سعيد
– نقرأ اليوم اتجاهات متباينة في حركة الفكر العربي المعاصر.. حول مفهوم الحداثة لتجاوز الواقع الراهن.. فكيف ترون إشكالية الحداثة وهل تستحق البحث والدراسة أم أنها إشكالية زائغة وثقافية غربية منقولة إلينا بطريقة اتباعية؟
– لاشك أن الحداثة نسبية من شعب إلى شعب لأن المجتمع متجرد فيتحدث بتحديث الأدوات التي يستخدمها فيفكر فيها كما نفكر فيه فليس هناك إشكالية في الحداثة وإنما الإشكال في كيفيتها هل تقوم على الأصالة أم تأتي مجلوة عن طريق المحاكاة أو التأثر بالقوى أو بالغلبة بقوته حتى تسود ثقافته لاشك أن تغير الأساليب الكتابية ترينا الحداثة فقد كانت القصة والرواية والمسرحية والقصيدة التفعيلية أحدث الواردات على الثقافة العربية التي تمكنت من استيعاب آخر الحداثة في الفنون القولية والتشكيلية يبقى السؤال عن جدوى هذه الحداثة هل هي إضافة تنويرية أم أنها تموه غير الحقيقي بلون الحقيقي؟ من هنا يتدخل السؤال هل هذه الأعمال قديمة تأصلت أم أصيلة قابلة للماضوية بوجود الأحداث لأن الكلمة الأخيرة أو الشكل الأخير غير وارد فإلى الآن لم تصل الأساليب المعاصرة إلى نهاية صياغتها إذ لانهاية لأية صياغة فنية لأن الجديد يؤصل التجديد كما يستحدث الأجد بفضل تطور أجهزة الثقافة وتطلع المثقفين إلى الأنفع فهاهو التلفزيون آخر صيحة ثقافية تكاد تبتلع الثقافات أو تلهي عنها ففي مطلع العام 93م استقال وزير الثقافة الفرنسية لأن ربع فرنسا لايقرأ وقالوا هذه أعنف كارثة أوروبية.. فأخذت الجهود تتجمع على التوازن بين الثقافة الكتبية والثقافة المشهودة وبدأت المؤسسات تزيد من الكم الثقافي الذي يبثه التلفزيون لكي تكون إفادته أكثر من إثارته أو لكي تتحول الإثارة إلى عوامل إفادة.
– أين أنتم من الجدل “الدائر” حول القصة والرواية والمسرحية وهل هي فنون جديدة على العرب؟
– منذ فجر النهضة إلى منتهى السبعينيات والجدال دائر على أشده هل القصة والرواية والمسرحية فنون جديدة على العرب؟ يرى البعض أن هذه الثلاثة الفنون بشروطها المعاصرة كانت مفقودة في الأدب العربي، ورأى فاروق خورشيد أن السير الشعبية تملك تفاصيل الرواية وشروطها وخلفيتها وعناصر تركيبها، والفرق هو تدخل التفلسف في الرواية المعاصرة على حين لايعتمد فن السيرة على التفلسف لأن أبطال السير من أبطال الواقع “كعنترة وسيف بن ذي يزن والأميرة ذات الهمة وحمزة البهلوان والشاطر حسن وعلي الزئبق” فهؤلاء كانوا أصحاب بوادر وخطرات.. لايكونون فكرة عن رؤية ولا رؤية عن فكرة وهذا ما تميزت به الرواية المعاصرة ويتبدى كتاب محمود ذهني الذي صدر في العام الماضي أحفل جميع الدراسات التي بحثت عن عناصر القصة والرواية والمسرحية لأنه دخلها من منظورين منظور السيرة عند العرب ومنظور الرواية عند اليونان ثم اختلافها في العصر اليوناني ثم انفجار أطوارها من أول عصر التجريب القرن الخامس عشر الميلادي إلى الآن وبهذا يبدو متفرداً بعلم الفنين عند العرب وعند الأوروبيين حتى أنه وقف عند رواية “دون كيشوت” مقارناً بين “سرفنتيس الأسباني” في روايته وبين “ابن اسحاق” شيخ المؤرخين وأول مبدعي السيرة النبوية فهذا الالتفات هو من اللمعات الذهنية الموفقة لأن كتب السير الشعبية كانت في عصر الانحطاط فوجد محمود نفس ابن إسحاق أقرب إلى مقياس اللغة القصصية.. ولم يسبق محمود ذهني من تقصي المسيرات الأدبية وعوالمها السماوية والأرضية والبشرية والعفاريتية المتعددة الأشكال والأغراض والإيحاء حتى يمكن القارئ أن يقتنع بعد قراءة هذا الكتاب بأن أصل الرواية العربية المعاصرة ينتمي إلى أصلها العربي في التاريخ العربي لكثرة ما أورد من مشاهد وشواهد درامية وأمثال وكلها مبرهنة مؤزرة بالاستقراء.
– سمعنا أن لديك رواية غير مطبوعة هل هذا صحيح؟ ولماذا لم تخرجها إلى الناس؟
– نعم هناك رواية لكنها غير مجمعة لطبع كتاب واسمها “العم ميمون” وهي مراجعة وجيدة وعندما تجد مخرجاً ستخرج إلى الناس لأنها تحتاج إلى فلوس أكثر مما ينبغي.
– كان لكم رأي حول ثقافة الحاكم.. وقد تحدثتم حوله ذات مرة؟
– الحاكم الذي أخرجته الكليات والمكتبات هو الذي يملك الشروط ويعرف أولاً: كيف امتلكها ثم يعرف ثانياً كيف امتلك بها أما الزعامات التي بلا شروط فهي تخاف من كل شيء وعلى كل شيء وتتصرف من خلال الخوف وما أشرس خوف الجاهل، على حين الحاكم العليم يعرف كيف ينوم الأحداث ويسكت الوساوس بحسن التسيير وأقول “التسيير” لا التسوير والتسويق والجر.. فما أبعد الفروق بين الذي يسير القطعان البشرية كالأعضاء الجسدية كل عضو يعرف موقعه وتحركه لأن حسن التسيير علم حسن السير.. إذاً فسوف يتدفق النبوغ عندما تولد السياسة النابغة الصاعدة من أعلى الكليات والراقية على المجتمع لكي تغير طريقه من أعاليها. لالكي تملأ طريقه بالمشكلات اليومية، ان النبوغ الوطني كنبوغ العصافير في الربيع كيف يختلف شدوها وصفيرها تحت بهجة الربيع وكيف كان انكسار العصافير في الشتاء.. فكيف إذا كانت فصول الأعوام شتاء يلي شتاء في ظل حكم الأغنياء الذين لم يعرفوا كيف يديرون حياتهم المنزلية فكيف يديرون ملايين البيوت في موكب وطني وفي اتجاه الغد بقلوب مشرقة تنجب المستقبل المشرف النابغ بالفنون الجميلة كلها..!
– نعود إلى السؤال الأول.. هل يمكن للمثقف الحقيقي أن يعيش أكثر من حياته.. ولعل ما ذكرته عن سعد الدين وهبه “وأنه مات عن 72 عاماً كأنها عشرون قرناً لما جمع في يديه من ثقافة العصور والأقطار وأدب القلب والعقل”؟
– كانت الفنون مختلفة التقدم والتخلف لأن الظروف لم تبلغ مدى الايناع وانما بكرت بعض الفنون كالذي صحا بعد نصف الليل متوهماً رؤية الصباح، وإذا به ينتقل من ليل إلى ليل من أجل أن يتوهج الشفق الآتي.. لكي تطل الثورة.. هكذا كان سعد الدين يتتبع كل فن كان يحضر ندوة الجمعة في بيت العقاد ويحضر عصرية محمود شاكر وكان أحسن ما يعجبه من شاكر رواية الشعر القديم لكي يكون معاصراً حقيقياً، لأن عصرنا خلاصة كل العصور وإنسان هذا العصر جمع عصور الأديان والفلسفات والآداب في مكتبة واحدة لقد كان إنساناً عظيماً لأنه حقق إنسانيته في ذاته وفي ذات غيره.. ما لاقى صديقاً إلا وأخبره عن مجموعته الشعرية التي صدرت قريباً أو عن روايته التي استهدفت النقد أو كتاباً نقدياً إلاّ ونظر فيه باحثاً عن النقد هل هو تبع للإبداع أم أنه له مساهمة فيه؟
أما رحلاته فبعدد أقطار العالم ومات وهو في الثانية والسبعين كأنها عشرون قرناً.. بما جمع في يديه من ثقافة العصور والأقطار وأدب القلب وأدب العقل وما حضر مهرجاناً أو احتفالاً إلاّ وطرح معاداته للتطبيع بصوته العالي حتى لايأمن المرء من عدوان صهيوني لأنه كان يقول “الحياة شربة ماء بارد، تبرد ثم تحرق ثم تنفذ في حركة واحدة..” رحم الله سعد الدين وهبة حياً وميتاً.. لا.. ليس ميتاً إن الموت دخول مرحلة ثانية في صورة مختلفة عن التي كانت.
– أستاذ عبدالله إلى أي الفرق الكلامية ينتمي البردوني؟
– لم يعد هناك فرق كلامية.. هناك فرق سياسية.
– وإلى أي منها تنتمي؟
– والله أنا أنتمي إلى كل الفرق السياسية أو إلى خير ما فيها جميعاً.
– هل أنت معتزلي؟
– إلى حد.
– شيعي؟
– إلى حد.
– هل تؤمن بالحزبية؟ وهل تعتقد أن التغيير يمكن أن يتم على أيديها؟
– نعم الحزبية هي أفضل من التجمع العشائري ومن الأحزاب البيتية.
– في ظل انكسار الفعل العربي نجد أن هناك تراجعاً للشعر بل للكلمة وبشكل مخيف لماذا؟
– الشعر لم يتراجع إنما لأننا لانعرف كل الناس ولانعرف كل الاتجاهات فبمقدار ما نرى ما حولنا نقول تراجع، وليس هناك في الحقيقة تراجع وأعتقد لو أن لكل الناس معارف كاملة لعرفوا كل الناس السياسي يقول هذا ما يريده الشعب ولايعرف هذا السياسي في الحقيقة هل هذا مايريده الشعب أم لا، والمثقف العادي يقول: الجماهير بدأت تتراجع غير أنه في الحقيقة لايعرف كل الجماهير ولا خصوصياتها ولايعرف أسرارها الخفية ولا تفكيرها الذاتي، فالمسألة مجرد أقاويل منتزعة عن بعضهم البعض دون أن يكونوا على دراية كاملة أن الشعب يريد هذا أو لايريده، بدليل أنه توالت أنظمة ما أرضت الناس كلها أبداً جاءت النازية جاءت الفاشية جاءت الغابية جاءت الماركسية جاءت الفلسفة الوجودية كل هذه تؤدي دوراً ما في مرحلة وتجري كتيار واحد، ثم يأتي خلق جديد وجماعة جديدة فتخلق اتجاهاً جديداً على أساس من القديم وأحياناً عن انقطاع من القديم ونحن لاندري فحين لاندري نقول المسألة كذا وكذا ولو كانت على عكس الحقيقة نقول الشعب يريد الديمقراطية فمن عرف كل حاكم أن الشعب كله أو حتى أغلبه يريد الديمقراطية لكن الثابت أن الشعب يريد العيش بسلام ويريد اللقمة النظيفة والشربة النقية والمسكن المريح أما مسألة التفكير السياسي، فلايعرفها إلا من هو على دراية بالثقافة البشرية وبالإنسان كانسان وبالجماعة كجماعة.
– برزت بعد حرب الخليج مباشرة توجهات قطرية وإقليمية تحاول تجاوز الأدب العربي.. بحيث يكون هناك أدب خليجي وأدب مغاربي وأدب شامي ما موقفك من هذه الدعوات والتوجهات؟
– ليست المسألة موقفا هذه مسائل ترجع إلى سوء السياسة وإلى سوء الدعوات الاجتماعية فالانسان كان يقول عشيرتي بنو تميم وهذا يقول: عشيرتي قضاعة فتجددت هذه الادعاءات في صور جديدة وقال أحد بلادي “الحيمة” وقال آخر بلادي “تعز”.. وهكذا وجاءت الفلسفة العظيمة التي تقول أن بلدك هو البلد الذي وجدت فيه لا الذي ولدت فيه والبلد الذي أعطاك معارف كثيرة هو بلدك الحقيقي لأنك أصبحت جزءاً من الوجود الحي الفاعل المنفعل الخلاق، أما البلد الذي ولدت فيه فيكون أي بلد.
– هل تعتقد أن الشعر العربي الحديث يعاني أزمة قبول وانتشار؟ وهل لك تشخيص لواقع الشعر العربي اليوم؟
– تتمثل الأزمة اليوم في الكثرة والغثائية والندرة والجودة فكثرة الناس والمتعلمين منهم الآن أصبح مطلوباً من الشاعر أن ينزل للناس كل يوم بشعر جديد وبشعر يجيب على طلباتهم ويلبي أهواءهم والشاعر غير قادر أن يقوم بهذا العمل.. ففي الأربعينيات والخمسينيات كان القراء قلة ومن منتصف الستينيات كثر المتعلمون والقراء وأصبح معظم الناس يقرأون ولابد في كل فترة وفي كل شعب من وجود عدد محدود من المتفوقين يقول الناس عليهم لماذا لاينافح هؤلاء على هذا المبدأ؟ أما الشاعر فلايريد أن يجيب أو يلبي طلبات كل الناس وهم أصلاً على رغبات ونوازع مختلفة ثمة أزمة عندما كثر المتعلمون ونجم عن ذلك كثرة الشعراء فكان أي طالب أو طالبة ينهي الجامعة يريد أن يؤلف الشعر والأقاصيص أو مقالات أو دراسات وهذا الطموح يوقع صاحبه في الفشل، مثلاً عندي الآن عشر مجموعات شعرية كل واحد كتبها وبعث بها إليّ لأكتب له مقدمة، والمقدمة معناها تمجيد وتعظيم لهذا الشاعر وأنا في سن هؤلاء وفي مستواهم الإنتاجي ما كنت أنشر مثل هذا الشعر هم أغرتهم المطابع فأحب كل من يكتب الكلمة أن يراها منشورة ومطبوعة ويحب أن يقول فيها الناس: إنها إضافة جميلة إلى فن جميل هؤلاء عندهم غرور الشباب وطموحه يريد الواحد منهم من أول مجموعة شعرية أو قصصية أو غيرها أن يكون شهيراً وهكذا نرى مطابع تشتغل كل وقت صحفاً تنشر كل يوم واذاعات لايتوقف بثها فأصبح الاستهلاك الأدبي مثل الاستهلاك الاقتصادي، والإنسان ليس كالآلة لايشتغل على الكهرباء بل يشتغل بتفكير وبتأن يختار اللغة الجميلة والصورة البديعة والمعنى البعيد، والموضوع الخفي غير المطروق وهذا يستدعي أن يتأمل مما يعني تراخي الزمن.. الاستهلاك إذن هو الذي أغرى بالسرعة والسرعة في الإبداعات الفنية لاتصل إلى فن جميل.
– لماذا نراك دوماً تربط مابين طه حسين والمتنبي؟ وما وجه التطابق بينهما؟
– مر 25 عاماً على رحيل الدكتور طه حسين الذي ينطبق عليه قول ابن سعيد القيرواني في المتنبي “وجاء المتنبي فملأ الدنيا وشغل الناس” لأن المتنبي كان كثير الأعداء من ساسة عصره ومثقفيه ومن الذين ينعقون من كل ناعق فيقبلون آراء غيرهم بلا فهم عن صوابها أو خطئها، وكان الذي يعادي المتنبي مضطراً إلى قراءة شعره، والذي يحسده لايستطيع أن يبتعد عن أي قول قاله في كل مكان، وكان الساسة يشرئبون إلى امتداحه وكان لايضع مدحه في غير مكانه فما تخلى عن شعر المتنبي أي وراق أو أي سياسي أو أي طامح إلى المجد الأدبي.. أشرت إلى قول ابن رشيق في المتنبي لانطباق قوله على طه حسين “الذي” كان ينادي إلى تطوير الأزهر وإلى مجانية التعليم وإلى عدم احتكار التعليم الجامعي، وخصص كتاباً في نقد المنفلوطي من وجهة حزبية.. ولو تتبعنا لوجدنا أدب الشعوبية أهم أسباب الانتحال الذي نهجه طه حسين وبنى على الشك منهج البحث إلى اليقين فهاج المحافظون باغراء من القصر وقالوا: إذا كان الشعر الجاهلي منحولاً فسوف يمكن إنكار إعجاز اللغة التي نزل بها القرآن.. وكانت المظاهرات الأزهرية ومن يلي الأزهر تتسبب في إغلاق البرلمان لأن الوفد تعاطف مع طه حسين باسم حرية البحث وحرية التفكير والتعبير.
– أين البردوني في دراسات الأكاديميين؟ وهل وجدت واحداً من الأكاديميين استطاع أن يغوص في نفس البردوني؟
– أصدر اتحاد الكتاب العرب بدمشق كتاباً جديداً من تأليف الصحافي الشهير “وليد مشوح” والكتاب بعنوان “الصورة الشعرية عند عبدالله البردوني”. وقد وجد المؤلف في “عمى الشاعر” منطلقاً لخصائص صوره الشعرية فوظف التفسير النفسي تحت تأثير العمى.. واستدل على هذا بخمسة نصوص من شعر بشار يتمدح فيها بالعمى ولاسيما معرفة الجمال البشري إلاّ أن الأستاذ وليد لم يلتفت إلى ظاهرة أدبية في شعرنا القديم كله وهي: تحسين القبيح، فالذي يستجمل انطفاء عينيه، ويتمدح بذلك الانطفاء لايختلف عن تحسين القبيح في أية صورة.. غير أن هذا التغاضي عن ظاهرة أدبية لايقلل من جودة الكتاب وحسن غوص المؤلف.. فهو الكتاب الثاني من الدراسات الأدبية النضيجة بعد كتاب “ابن الرومي.. حياته من شعره”، وأكاد أظن أن كتاب “مشوح” امتداد متطور من كتاب العقاد عن ابن الرومي من حيث الوجهة الفرويدية والتفسير النفسي لكل ومضة بيت ويمكن أن أقول ويقول غيري أن وليد مشوح كان أغوص في قرارات المعاني، وفي توظيف العلم في التفسير الأدبي.. وحين أشار المؤلف إلى المراجع كان غائباً عنه كتاب “محمود طه إسماعيل “الصادر في القاهرة دار العلوم بعنوان “أعظم الشعراء” وكتاب محمد احمد القضاة سكرتير مجلة الجامعة بعمان بعنوان “بناء القصيدة عند البردوني”.. أما كتاب الدكتور محمد رحومة “الدائرة والخروج في شعر البردوني” فكان مركزاً على الدراما في شعر البردوني.. ولعل مشوح لم يقرأه جيداً فلم يمنعه ميله إلى “الدراما” من الولوج في غيرها “فأشاد” مشوح بمن أعانه قائلاً “وقد أعانني الصحافيون العرب في كل عاصمة، إذ حصلت ثلاثمائة تصوير مابين حديث عن البردوني أو دراسة قصيرة أو استجواب صحفي.. وهذه الثلاثمائة كانت أهم أدلائي إلى نفسية البردوني ومرارته من العمى فلم يقبل قول بشار “إن العمى من الذكاء” بل قال البردوني “ما وجدت عن البصر بديلاً إلى الآن، رغم صحبتي الأكيدة مع العمى 65 عاماً”. ولاقال كالمعري: “إن العمى عورة يجب سترها”.. والذي كان يأكل في أسفل القبو في داره خوفاً على ثيابه من قطرات الدبس التي تتساقط برغم الأكل.. وليت وليد مشوح أورد بيت المعري عن العمى لما فيه من حكمة تعليمية.