بين ذهاب ومعاد
ديوان في طريق الفجر > بين ذهاب ومعاد
18 صفر سنة 1380ه
تلفتت كالسارق الخائف
إلى العشيق اللاهث الراجف
مذعورةً ترتاع من خطوها
من الخيال الكاذب الطائف
شرشفها المذعور كالغصن في
جو الخريف الأصفر العاصف
تمشي ويمشي إثها والدجى
حوليهما كالراهب العاكف
وانطلقت وانقض في إثرها
كاالبرق في إيماضه الخاطف
* * *
حتى احتوى شخصيهما مخدعٌ
غضٌ كأفراح الصبا الوارف
فالليل رقصٌ عابثٌ كالصبا
ومعزفٌ يشدو بلا عازف
ولاح وهمان لعينيهما
كواقفٍ يصغي إلى واقف
فقنعت وجهيهما صفرةٌ
كذكريات المذنب الآسف
وأعتم الجو فلم يخشيا
على ستار الحب من كاشف
وأنصت الليل ولم يستمع
إلا شكاوى عمره التالف
كأنه شيخٌ على وجهه
مقبرة من عهده السالف
شيخٌ له وجه كدجل الرؤى
ولحيةٌ تدعو يد الناتف
أصغى فلم يسمع سوى غيمه
وثرثرات المطر الواكف
وخطو فلاحٍ هناك أنحنى
يمحو بقايا العرق النازف
* * *
هنا اطمأنت واطمأن الفتى
إلى اللقاء الصاخب القاصف
وحدقت في وجه محبوبها
تحديقة الظامي إلى الغارف
ووسوست ما سر إطراقه
وما ورا إطراقة العارف؟!
هل أذهلته فتنتي أم أنا
أسعى وراء الموعد الآزف؟
هل أجتديه؟ آه أم التجي
إلى سلاحي المدمع الذارف؟!
أم لا ينم الوجه عن قلبه؟
أم حبه كالدرهم الزائف؟
لا “لم يكن” إني أرى قلبه
في عينيه كالشره الواجف
عيناه في عيني لكن متى
يدني فمي من فمه الراشف؟
وأومات في ثغرها بسمةٌ
إيماءة الزهر إلى القاطف
فضمها حتى ارتمت وارتمى
على السرير الناعم العاطفي
فضم سكَيراً وسكيرةً
وشد مشغوفاً إلى شاغف
* * *
وعاد والفجر وراء الدجى
لمحٌ كهجس الخاطر الكاسف
وفجأةً أومت بنان السنى
إيماءه الحسن إلى الواصف
وأقبل الفجر وفي جيده
قلادةٌ من جرحه الراعف
فالدرب في إشراقه جدولٍ هاتف
مزغردٌ في جدول هاتف
وكبرياء البعث أهزوجةٌ
على شفاه الموكب الزاحف.