مصرع طفل
ديوان في طريق الفجر > مصرع طفل
وها هي القصيدة إليك مع أجمل العزاء على طفلك الوحيد.
19 رمضان سنة 1378هـ
كيف انتهى من قبل أن يبتدي
هل تنطفي الروح ولم توقد؟
وكيف أنهى السير من لم يرح
في دربه المجهول أو يغتدي؟
وافى من الديجور يحبو إلى
كهف السكون النازح الأسود
ألقى به المهد إلى قبره
لم يقترب منه ولم يبعد
* * *
ما باله خف إلى موته؟
هل كان والموت على أموعدا؟
ما أقصر الشوط وأدنى المدى
ما بين عهد اللحد والمولد!
* * *
يا من رأى الطفل يعاني الردى
ويرفع الكف كمن يجتدي!
كأنه في خوفه… يحتمي
بكفه من صولة المعتدي!
وكلما انهال عليه انطوى
يلوذ بالثوب… وبالمرقد
وتارة يرنو إلى أمه
وتارة يلقي يداً في يد
ومرةً يرجو أبا مشفقاً
ومرةً يرنو إلى العود
* * *
يهوى أبوه لو يذود القضا
عنه وتهوى الأم لو تفتدي
يا من شهدت الطفل في موته
ألم تمت من روعة المشهد؟!
* * *
يا صائد العصفور رفقاً به
فلم يخض جواً ولم يصعد
أتى يغني الروض لكنه
لم ينشق الروض ولم ينشد
طفلٌ كعصفور الروابي طوى
ردا الصبا من قبل أن يرتدي
أهل في بدء الصبا فانطفى
لم يهد حيراناً ولم يهتد
* * *
ونام في حضن الهنا مبعداً
عن الأعادي وعن الحسد
عن ضجة الدنيا وأشرارها
وعن غبار العالم المفسد
تدافع الطفل إلى قبره
فنام تحت الصمت كالجلمدا
ما أسعد الطفل وأهنى الكرى
على سكون المرقد المفرد!
* * *
هنا ثوى الطفل وأبقى أباً
يبكي وأماً في البكا السرمدي
تقول في أسرارها أمه:
لو عاش سلوى اليوم، ذخر الغد!
لو عاش لي يا رب، لو لم يمت
أو ليته يا رب، لم يوجد
* * *
هل خاف هذا الطفل جهد السرى
فاختزل الدرب ولم يجهد؟
ما باله جف وري الصبا
حوليه والعيش الظليل الندي؟!
مضى كطيف الفجر لم يقتطف
من عمره غير الصبا الأرغد
لم يطعم الدنيا ولم يدر ما
في سوقها من جيد أو ردي
حبا من المهد إلى لحده
لم يشق في الدنيا ولم يسعد
فهاك يا “عبدالعزيز” الرثا
شعراً حزين الشدو والمنشد
يبكي كما تبكي وفي شجوه
تعزية عن طفلك الأوحد