عودة القائد
ديوان من أرض بلقيس > عودة القائد
لمن الجموع تموج موج الأبحر
وتضج بين مهلل ومكبر
لمن الهتاف يشق أجواز الفضا
ويهز أعطاف النهار المسفر
ولمن تجاوبت المدافع وانبرت
صيحاتها كضجيج يوم المحشر
لمن الطبول تثرثر الخفقات في
ترنيمها المتهدج المتكسر
ولمن زعاريد الحسان كأنها
خفقات أوتار ورعشة مزهر
ولمن تفيض حناجر الأبواق من
أعماقها بترنم المستبشر
للقائد الأعلى الموشح بالسنا
علم الفتوح وقاهر المستعمر
لولي “عهد الملك” بناء الحمى
حلم البطولة والطموح العبقري
أهلاً “ولي العهد” فانزل مثلما
نزل الشعاع مباسم الزهر الطري
أشرقت في مقل الجزيرة كالضحا
كالصبح كالسحر الندي المقمر
وعلى جبينك غار أكرم فاتح
وعلى محياك ابتسام مظفر
لما طلعت أفاقت (الخضرا) على
فجر بأنفاس الخلود معطر
وتعانقت فتن الجمال وتمتمت
بالعطر أعراس الربيع الأخضر
وتسابق الإنشاد فيك وهازجت
نغم المعري أغنيات البحتري
وهفت إليك من القوافي جوقة
سكرى متيمة الغناء المسكر
* * *
يا من تشخصت المنى في شخصه
وأهل فجر عدالة وتحرر
حقق طموح الشعب واجعل حلمه
فوق الحقيقة فوق كل تصور
وافيت فانتفضت أماني أمة
شما وشق البعث مرقد “حمير”
ويكاد “ذويزن” يبعثر قبره
ويطل حمير من وراء الأعصر
بلقيس يا أم الحضارة أشرقي
من شرفة الأمس البعيد وكبري
واستعرضي زمر الأشعة واسبحي
فيها بناظرك الكحيل الأحور
مولاتي الحسنا أطلي وانظري
من زهوة الأجيال ما لم تنظري
وتغطرسي ملء الفتون وعنوني
فمك الجميل ببسمة المستفسر
هانحن نبني فوق هامة مأرب
وطناً ونبني ألف صرح مرمري
ونشيد في وطن العروبة وحدة
فوق الثريا خلف أفق “المشتري”
هي وحدة العرب الأباة تسنمت
في ربوة التاريخ أرفع منبر
وتعانقت صنعا ومصر وجلق
فيها عناق الشوق والحب البري
وجرى على النيل المصفق صنوه
بردى فصفق كوثر في كوثر
وارتادت “الخضرا” الكنانة فانتشت
نسمات مأرب في أصيل الأقصر
لولاك يا بطل الخلافة ما احتوى
صنعا وجلق حضن أم الأزهر
صافحت مصر فزدت في بنيانها
“هرماً” إلى الهرم الأشم الأكبر
أرض الجنوب – وأنت نخوة ثأرها
ظمى تحن إلى الصراع الأحمر
أرضي ودار أبي وجدي لم تزل
في قبضة المتوحش المتنمر
تطوي على حلم الجهاد عيونها
وتئن تحت الغاصب المستهتر
لا حرمة الإنسان تزجره ولا
شرف الضمير ولا نهى المتحضر
متجبر وأصم لم يسمع سوى
رهج الحديد المارد المتجبر
فازحف إليه يا بن بجدتها على
لجج السلاح الفاتح المتهور
يا خير من لبى ومن نودي ومن
يغشى الوغى كالهول كالليث الجري
هذي زعامتك الفتية قصة
بفم الفتوح وفي شفاه الأدهر
* * *
يا بدر هذا الشعب أنت زعيمه
وهواك سحر غرامه المتسعر
حملتك روح الشعب إيماناً فلم
تخفق بحب سواك بل لم تشعر
فاسلم لتاريخ الزعامة آية
بيضا كبهجة عصرك المتبلور