ميلاد الربيع
ديوان من أرض بلقيس > ميلاد الربيع
ولد الربيع معطر الأنوار
غرد الهوى ومجنح الأشعار
ومضت مواكبه على الدنيا كما
تمضي يد الشادي على الأوتار
جذلان أحلى من محاورة المنى
وأحبٌ من نجوى الخيال الساري
وألذُ من سحر الصَبا وأرق من
صمتِ الدموع ورعشه القيثار
هبط الربيع على الحياة كأنه
بعْثٌ يعيدُ طفولة الأعمار
فصبت به الأرض الوقور وغردت
وتراقصت فتن الجمال العاري
وكأنه في كل وادٍ مرقص
مرح اللحون معربدً المزمار
وبكل سفحٍ عاشقٌ مترنم
وبكل رابية لسان قاري
وبكل منطعف هديرُ حمامه
وبكل حانية ٍ نشيدُ هزار
وبكلٌ روض ٍ شاعرٌ يذرو الغنا
فوق الربا وعرائس الأزهار
وكأن أزهار الغصون عرائس
بيض معندمة الشفاء وعواري
وخرائد زهرُ الصبا يسفرن عن
ثغر لؤليَّ وخد ناري
من كل ساحرة الجمال تهزها
قبل الندى وبكا الغدير الجاري
وشفاه أنفاس النسيم تدبٌ في
بسماتها كالشعر في الأفكارٍ
فِتنٌ وآيات تشعُ وتنتشي
كالحور بين تبسمٍ وجوار
ناريةُ الألوان فردوسية
ذهبية الآصال والأسحار
آذارُ يا فصل الصبابة والصَّبا
ومراقص الأحلام والأمطار
يا حانة اللحن الفريد وملتقى
نجوى الطروب ولوعة المحتار
أجواؤك الفضية الزرقا جلت
صور الهنا وعواطف الأقدار
ومحا هواك هوا الشتا القاسي كما
يمحو المتابُ صحيفة الأوزار
في جوك الشعري نشيد حالم
وعباقر شمُ الخيال عذاري
* * *
ما أنت إلا بسمة قدسيةُ
ريا الشفاه عميقة الأسرار
وبشائر مخضلة وترنم
عبقٌ أنيق السحر والسَّحَّار