حضان المآتم
رجعة الحكيم بن زائد > حضان المآتم
كان يبدو، كصائم ما تعشى
الملايين فيه، جوعى وعطشى
أثث القلب للعراة، ويحكي
أنه ما أذاق جنبيه فرشا
* * *
بين جنبيه تشرئب الشظايا
أنجماً من دمٍ، صباحاً مغشى
كل مثوىً نبا بها فوعاها
منه قلب أحلها فيه عرشا
في حناياه ترتعي، ثم تصبو
وهو ذاو، يكاد ينحل قشا
كل (أفغان) فيه تنهار تعلو
كل (صيدا) تنهد فيه لتنشا
* * *
أي سر عن كل شلو سيبدي
أي أخبارها إلى الريح أفشى
إنه يحمل الضحايا، ويضني
عن خبيئاتها المجاهيل نبشا
ما الذي باح للسوافي، دعاها
لا تنامي، صبى على الوحش وحشا
مصرع الباطشين ما شئت منه
مقتل اثنين، بل تزيلين بطشا
هل أجابته، هل درى من يباكي
أهل صرعى (جنين) أو أهل (موشى)؟!
* * *
عنه ساهٍ، لاهٍ بكل صريع
وعلى المنظرين، أحنى وأخشى
ذاك أقوى فتىً، وأبكى إذا ما
أن شيخ أو اشتكى الطفل خدشا
أو تعاطى فن الكتابة ناءٍ
عن حماها، يدمي الوريقات خمشا
* * *
كل آن تغشاه أخفى المآسي
وعليها يقيس ما ليس يغشى
جاره من يعول عشراً، رماه
جاره جثة، على أي ممشى
فامتطى من رماه أصبى طرازٍ
وارتجى المرتمي، ومانال نعشا
واقتضى قاتل الفقير ألوفاً
والبواكي عليه، ما نلن قرشا
* * *
هكذا حكمنا، علينا ومنا
في زمان أعمى، يقسيه أعشى
واللغى فيه باع، وابتاع، أردى
احتوى واستزاد، رشى، ترشى
ما تلقى عير (الكوميشان) درساً
فالتمسه إن شئت، في باب (كمشا)
* * *
ونرانا بالهجو نرميه بحراً
مثل من يستلذ في الحلم فحشا
قال ذاك النموذج الفرد يؤذي
أوبش الناس، حين تدعوه وبشا
وإلى القاذفات أومى، لماذا
كنت أقسى؟ وكنت ليناً وهشا
ليس من يدفن البيوت الحزانى
مثل من ينطوي على قتل (رقشا)
من عظامي هذي الخرابات تبدو
كشؤوني: لهفى، وغرثى، وعمشا
تلك تشتف حزن عاتيك، هذي
مثل أمية تترجم نقشا
تلك محشوة، بيتم الصبايا
ذي بأدمى القلوب والخوف، أحشى
* * *
ذلك التل كان أضلاع فوجٍ
الردى فيه، للردى الغير بشا
كل قصفٍ ما هز صنعاء فيه
كل شعوى ما استطلعت منه رعشا
ذاد حتى انطفائه، قام تلا
يعتلي الناهشين، رجماً ونهشا
قال: لو في التلال جذر قتال
كجذوري، لأصبح الذئب كبشا
* * *
قص هذا للقاذفات، ونادى:
ارجعي محرثاً فؤوساً ورفشا
كل بيت رشيت بالنار يعيا
كيف ترقين، كي تصيري مرشا
الرفات التي قذفت يميناً
وشمالاً كانت ربيعاً موشى
* * *
قال هذا، وغاص يبحث عنه
فيه يمشي، وسائلاً من تمشى
نافشاً قلبه على الليل (عهناً)
يبتدي غزله، فيرتد نفشا
واجتلى المبتدا، فشم كتاباً
مد أبكى الفصول فيه، وحشى
كان يذوي كي يسمن الفن فيه
ويعري، كي يظهر الغش غشا
1994