في الليل
ديوان من أرض بلقيس > في الليل
لا مشفقٌ حولي ولا إشفاقُ
إلا المُنى والكوخُ والإخفاقُ
البردُ والكوخُ المسجُى والهوى
حولي وقلبي والجراحُ رفاقُ
وهنا الدُجى يسطو على كوخي كما
يسطو على المستضعف العملاقُ
فلمنْ هنا أصغي؟ وكيف؟ وما هنا
إلا أنا، والصمتُ، والإطراقُ
أغفي الوجودُ ونام سُمارُ الدُجى
إلا أنا والشعرُ والأشواقُ
وحدي هنا في الليل ترتجفٌ المنى
حولي ويرتعش الجوى الخَفاقُ
وهنا وراء الكوخٍِ بستانٌ ذوتْ
أغصانُهُ وتهاوتِ الأوراق
فكأنه ُ نعشٌ يموجُ بصمتِهِ
حُلمُ القبورِ ويعصفُ الإزهاقُ
نسيَ الرَبيعُ مكانَه وتشاغلتْ
عنُه الحياةُ وأجفلَ الإشراقُ
عُربانُ يلتحف السكينة والدُجى
وتئنُ تحت جذوعهِ الأعراقُ
* * *
والليلُ يرتجلُ الهمومَ فتشتكي
فيه الجراحُ وتصرخ الأعماقُ
والذكرياتُ تكرَ فيه وتنثني
ويتيهُ فيه الحبً والعشاقُ
تتغازلُ الأشواقُ فيهِ وتلتقي
ويضمُ أعطافَ الغرام عناقُ
* * *
والناسُ تحت الليلِ: هذا ليلُه
وصْلٌ وهذا لوعةٌ وفراقُ
والحبُ مثلُ العيشِ: هذا عيشُهُ
ترفٌ وهذا الجوعُ والإملاقُ
في الناسِ منْ أرزاقهُ الآلاف أو
أعلى وقومٌ ما لهمْ أوراقُ
هذا أخي يرْوى وأظما ليس لي
في النَهرِ لا حقُ ولا استحقاقُ
* * *